حكم العلماء

وموقف الشرع من التج

Jumat, 16 April 2010 | 05:00 WIB

المال من نعم الله على عباده، وقد امتن الله به على أنبيائه، فقال مخاطباً رسولهصلى الله عليه وسلم (وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى( (الضحى:8 ) وأنعم على سليمان عليه السلام بالمال والملك. ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى ذكر المال في القرآن وسماه فضل الله في (25) موضعاً، وباسم الخير في ( 10) مواضع، وفي (12) موضعاً باسم الرحمة، وفي (12) موضعاً باسم الحسنة .

gt; والتجارة في الإسلام لها أهمية، على أساس أنها من الأشياء المحبوبة والمرغوب فيها، وقد كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين يشتغلون بالتجارة في حياتهم، ولم يترك أبو بكر الصديق الاشتغال بالتجارة حتى قيل له: إنك أصبحت قابضاً على ناصية الأمور في البلاد كلها، مالك وللتجارة؟ فقال لأكفل بها أهلي وأولادي. وكذلك كان الفاروق ( . وكذلك كان ذو النورين ( وكان من أغنى الناس يومئذ، وكذلك عبد الله بن الزبير (، وهو أحد العشرة الكرام، وكذلك نافع ( ، فإنه كان من التجار الذين ضرب بهم المثل في التجارة، وكانت تجارته واصلة إلى الشام ومصر.

ذلك، لأن التجارة من الأمور الفاضلة في الإسلام، ولذا نجد علماء الإسلام في الأيام السالفة أغلبهم كانوا تجاراً، وهذا الإمام البخاري كان في بلاده تاجراً،وهو رئيس التجار. وكان الإمام أبو حنيفة من التجار الأثرياء، وإذا كان غير المسلمين من الشرق والغرب يهتمون بالكسب المالي والتجاري دون النظر للوسيلة فإن شريعتنا السمحاء حثت ـ أيضاً ـ على الكسب ولكن في إطار أخلاقي شرعي، ففي القرآن الكريم نجد مادة "تجر" تتسع لآيات تذكر التجارة وترفع من شأنها.

"ومن يبيع ويشتري ويتجر يتعّين عليه معرفة أحكام التجارات، وكذا ما يحتاج إليه صاحب كل حرفة يتعين عليه تعلمه، والمراد الأحكام الظاهرة الغالبة دون الفروع النادرة والمسائل الدقيقة".
وتعتبر التجارة من المهن الشريفة التي يمارسها الإنسان بغرض المعيشة والكسب المشروع.

ولأن المال هو قوام الأعمال الدنيوية كلها، وقد قدمه الله تعالى في الذكر فقال: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا( (الكهف: 46) وتشهد التجارة المعاصرة تطوراً سريعاً على المستوى الدولي ، في أنواع التجارة، وقد ظهرت أنواع من التجارة لم تكن تعرف من قبل ، بحكم التقدم التقني والإلكتروني ، وهو ما يعرف بالتجارة الإلكترونية، وهي من أيسر وأسهل التبادل والتعامل التجاري، ولأهمية هذا النوع من التجارة فإن الدول المتقدمة تعتمد عليه، وحذت حذوها الدول الإسلامية والعربية، ولا بد من معرفة حقيقة هذا النوع من التجارة وموقف الإسلام منه .
حقيقة التجارة الإلكترونية:

هناك تعاريف كثيرة أطلقت على التجارة الإلكترونية باختلاف استعمالاتها:
1ـ ففي عُرف الاتصالات تطلق التجارة الإلكترونية على أنها وسيلة من أجل إيصال المعلومات أو الخدمات أو المنتجات، عبر خطوط الهاتف أو عبر شبكات كمبيوترية، أو عبر أي وسيلة تقنية.
2ـ ومن وجهة نظر الأعمال التجارية فهى عملية تطبيق التقنية من أجل جعل المعاملات التجارية تجرى بصورة تلقائية وسريعة
3ـ وفي نظر الخدمات تطلق على أنها أداة من أجل تلبية رغبات الشركات والمستهلكين والمديرين في خفض كلفة الخدمة والرفع من كفاءتها والعمل على تسريع إيصال الخدمة.
4ـ وتعرف في نظر الإنترنت بأنها التجارة التى تفتح المجال من أجل بيع وشراء المنتجات والخدمات والمعلومات عبر الإنترنت.
ولا شك أن تلك التعريفات السابقة حينما تأتي مجتمعة تعطي مفهوماً أوسع للتجارة الإلكترونية والتي تعني الوظيفة الإلكترونية للعمليات التجارية لهدف الربح.
وأهمية التجارة الإلكترونية تظهر – أيضاً ـ في أن الناس أمام واقع ومفرزات عصر التقنية العالية، ونماء استخدام وسائل التقنية، وتزايد الاقتناع باعتمادها نمطاً لتنفيذ الأعمال ومرتكزاً ومحدداً للتطور، وأمام اتجاه الدول العربية والإسلامية للدخول في عضوية منظمة التجارة الدولية، وفي ظل متطلبات التجارة الدولية المتمثلة بتحرير التجارة في السلع والخدمات، ودخول الشركات الأجنبية الأسواق العربية والإسلامية كجهات منافسة حقيقة، ولما توفره التجارة الإلكترونية من تسهيل عمليات التنافس إذا ما توافرت الإمكانية لتأديتها، وتحققت متطلبات نجاح مشاريعها.

إن العالم الذي يتجه إلى إحلال التقنية في كل ميدان من ميادين النشاط الإنساني، وبشكل رئيس، والخدمات الحيوية، والخدمات التي تقدمها الدولة، سيضع التجارة الإلكترونية على رأس موضوعات قائمة التطور والتنمية، لهذا كله، يعد تجاهل التجارة الإلكترونية أمراً غير متناسب مع رغبتنا في التعامل مع الإفرازات الإيجابية لعصر تقنية المعلومات وامتلاك وسائل مواجهة الآثار السلبية وإفرازات عصر العولمة.

وهناك دراسات وبحوث تشير إلى أن 1.3 مليار دولار حجم التجارة الإلكترونية لدول الخليج العربي، وبينما تصدرت دول مجلس التعاون الخليجي قائمة الدول العربية من حيث حجم التجارة الإلكترونية بقيمة 1.3 مليار دولار وأتت مصر بعدها بنحو 500 مليون دولار، فيما توزعت 1.2 مليار دولار أخرى على بقية الدول العربية. وذكرت الدراسات أن التجارة الإلكترونية أفضل السبل للوصول إلى الأسواق العالمية بأقل تكاليف ممكنة.

ودعت الدراسة إلى إزالة العقبات التي تحول دون تطور هذه الصناعة عربياً، وفي مقدمتها: سيطرة الشركات العالمية على الأسواق العربية في هذا المجال وضعف كفاءة وانتشار استخدام الإنترنت في العالم، و أكدت أن التجارة الإلكترونية تعد مفتاح التصدير للدول النامية خلال الفترة المقبلة، مما يعني ضرورة الإسراع بتهيئة وتطوير قاعدة مناسبة تمنحها القدرة على التحرك بمرونة في هذا المجال .
ولا شك أننا نشهد اليوم أوضاعاً في المعاملات الفقهية الاقتصادية لم تكن موجودة في العصور السابقة، غير أن الفقه الإسلامي لم يقف يوماً أمام ما يستجد من الحوادث، والطريق الصحيح لهذه المعاملات الجديدة هو: إعادة النظر والبحث والاستقراء والاجتهاد على وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والإجماع والقياس والمصلحة المعتبرة والعُرف الصحيح والآثار المترتبة على ذلك، مما يفتح للناس آفاقاً واسعة في التعامل، ويرفع عنهم الحرج والمشقة والضرورية بطرقه الصحيحة، لمعرفة أحكام المعاملات الجديدة

د. نادية محمد الدمياطي

Terkait

حكم العلماء Lainnya

Lihat Semua