الدمى (وايانج) كشكل ا&#
Senin, 13 Oktober 2008 | 04:21 WIB
ففي العهد الهندوسي الإندونيسي، استعملت مسرحية الدمى كوسيلة لنشر التعاليم و الدعوة الهندوسية البرهمية للمجتمع العام و للسلاطين. لذلك كانت قصص المسرحية هي قصص و أساطير هندوسية قديمة، مثل قصة ماهاباراتا، أو قصة رامايانا، و قصص الأبطال الهندوسية الأخرى.
كان أسماء كل الد&<>amp;#1605;ى ايضا هي أسماء أبطال تلك القصص و الأساطير، مثل باتارا (الإله) فيسنو، و باتارا شيوا، و بايو، و الفانداوا الخمسة: يوديستيرا، و بيما، و أرجونا، و ناكولا، و ساديوا، و أيضا الكوراويين (أصحاب كوراوا)، من دورنا و بيشما و غيرهم. أو مثل راما، و لاكسمانا، و شينتا، و راهوانا، و دوريودانا، و كريشنا و هانومان (القرد الأبيض) و غيرهم.
و هكذا. نشر براهمة الهندوس الإندونيسيون القدماء تعاليم الهندوسية و فلسفتها العالية بهذه المسرحية. فهذا الفن لا يوجد في أرض تلك الديانة الأصلية: الهند. فهذا الفن هو شكل الإبداع الأصلي للبراهمين و الفنانين الإندونيسين القدماء.
لماذا نشروا تعاليم الهندوسية و فلسفتها بهذه الطريقة الفريدة؟
ففي رأي الكاتب، استعملوا هذه الطريقة لأن المجتمع العام الإندونيسي القديم لا يعرف ثقافة الكتابة كثيرا. فتاريخ إندونيسيا القديم يسجل بأن ثقافة الكتابة لا ينتشر في الحضارة الإندونيسية القديمة—ليس كمثلما وقع في الحضارة العربية الإسلامية أو الحضارة الهندية أو الصينية أو الفارسية أو الإغريقية إلى أخره. كان الإندونيسيون القدماء يجتذبون إلى ثقافة النظرة و السماعة أكثر من الكتابة و القراءة. فاللذين يعرفون القراءة و الكتابة فقط نفر محدد من الطبقة السلطانية و البراهمة.
حتى القرن الخامس عشر الميلادي، قامت مملكة ماجا فاهيت في قلب جزيرة جاوة الإندونيسية، بل أصبحت أمبراطورية كبرى تسيطر جميع الجزر الإندونيسية و المالاوية بل التسامبية (كامبوديا الحالية) و سري لانكا الهندية و ماداغسكار الإفريقية. قامت هذه المملكة منذ القرن الثالث عشر الميلادي. و في نفس القرن، قامت الممالك الإسلامية في غرب سومطرة الإندونيسية (أتشيه) و في شبه الجزيرة المالاوية (ماليزيا)، و هي مملكة سامودرا فاساي بأتشيه، و مملكة ترينجانو بملايو—التان قامتا منذ القرن الحادى عشر الميلادي. لكن هتين المملكتين، منذ النصف الأخير من القرن الخامس الميلادي، تكونان تحت سيطرة إمبراطور ماجافاهيت الجاوية الهندوسية.
في أول القرن السادس عشر الميلادي، سقطت مملكة ماجافاهيت بالسبب الداخلي، و هو الصراع و الحرب بين أبناء المملكة. و في حين، أسلم راجا (مالك) المملكة الأخيرة تحت يد دعاة الإسلام المعروف بوالي سونجو. و أسست سبط مالك ماجافاهيت المسلم، رادين فتح، مملكة دماك الإسلامية و أصبحت كأول مملكة إسلامية في جزيرة جاوة.
تعد دعاة الإسلام الأوائل أو "والي سونجو" (الأولياء التسعة) كالشخصيات الأسطورية المفتاحية في نجاح الدعوة الإسلامية في إندونيسيا، في جزيرة جاوة خصوصا. كانوا يلعبون دورا بارزا في نشر الإسلام بطريقتهم الفريدة، و هي الدعوة الصالحة، الطريقة الحسنة، بالتي هي أحسن. كانوا يحترمون الثقافات و التعاليم و التقاليد المحلية. هذا لأنهم يرون أن للمجتمع الجاوي تعاليم و فلسفة الحياة عالية، لا تقل علية من الفلسفة و التعاليم الإسلامية. فما كان يحمل العناصر الهندوسية، من العبادات و التقاليد، لا يزيلونها، و لا يحطمونها، بل أسلمواها، أي يدخلون الروح الإسلامية في تلك العناصر.
و هكذا في التقليد و فن الدمى. كان والي سونجو يحفظون هذا الموروث العظيم. فلا يبدلون أسماء أبطال الدمى، و لا قصصه. لكن قاموا بإدخال الروح الإسلامية فيه. و ذلك مثل أن يبدلوا رمز الألهة الهندوسية المتعددة (ديوا) برمز الإله الوحيد الأحد: و هو الله. و يفتتح المسرحية بقراءة الشهادة التوحيدية باللغة الجاوية. و أيضا أسلموا أبطال الدمى و أدخلوا التعاليم الإسلامية في كل قصص الدمى بل كانوا يزيدون قصص الأنبياء و الأولياء و الصالحين فيه حتى يعتبر الشاهدون و المستمعون منه.
و خلال مسرحية الدمى أيضا، عُرض الموسيقي و الأغنيات الإسلامية يحمل متنها تعاليم الإسلام من التوحيد و الصلاة و الزكاة و الصوم و منهج الحياة المستقيم بل و الأدعية أيضا. و من الأغنية الجاوية القديمة المشهورة هي أغنية "لير إلير" التي ألفها الشيخ سونان رحمت أمبيل و التي تحمل تعاليم الحياة الكريمة.
فبهذه الطريقة الحسنة، انتشر الإسلام في جزيرة جاوة و باقي جزر إندونيسيا بدون أي فتح، و لا أي غزوة، بل انتشر الإسلام بسلام. أعتقد أن شخصية والي سونجو هي شخصية مثالية للدعاة. كانوا يدعون الإسلام بالفلسفة العالية، بالمبادئ الصوفية. فتلك الفلسفة و المبادئ أكثرما تهتم بالجوهر من الشكل، بالطريقة من المدة. فلينظر: أسلمت أمبراطورية ماجافاهيت الهندوسية بدون أي فتح و لا أي حرب، بدون أن يسفك الدم و لو قطرة. و لينظر: أسلم الجاويون بدون أي تكليف و لا أي عنف. كانوا يرحبون و يقبلون الإسلام لأنه جاء بسلام و بالدعوة الصالحة. استطاع الإسلام، في هذا السياق، أن يبرز نفسه بأنه أمنهم من خوف، و أدخلهم في الإطمئنان، و أعطاهم العدلـ، و أبرز الحياة أكثر طيبة.
** أ. غينانجار شعبان سيف الله، طالب إندونيسي ساكن بالقاهرة