أهل السنة و الجماعة 
Kamis, 7 Februari 2008 | 06:57 WIB
احتل إندونيسيا موقعا إستراتيجيا حسب المستوى الجغرافي، سواء كان إقتصاديا، و سياسيا، و دفاعيا عسكريا. هذا لأن إندونيسيا يقع في معبر الثقافات بين القارات. بهذا الموقع الإستراتيجي، أصبح إندونيسيا معبر الأديان الهام. انتشر فيه الأديان متحولا و متعاقبا، لكن كل ذلك يسير بالسلام.
فالعقيدة الوثنية، و البوذية، و الهندوسية، و الإسلامية أصبحت جدليةً أساس القيم لدي مجتمع إندونيسيا. فتلك القيم تعطي تبرعا في تكوين نظام الحكم السياسي و نظام الدين التي يعبر على الإمتزاجات الجدلية و التأثير و التأثر بين ثقافة الوافد مع ثقافة الأصل الإندونيسي.
t;
ازداد حالة ذلك التأثير و التأثر مع مجيئ الإسلام في إندونيسيا. فقد رحب و قبل المجتمع الإندونيسي ترحيبا جزيلا. هذا بسبب الدعاة المسلمون الذين يدعون الإسلام فيها بطريقة الحكمة. كانوا يحترمون ثقافة إندونيسيا و تقاليده بل ديانة السكان المحلية التقليدية. لقد حاولوا أن يسيّر الإسلام مع القيم المحلية و يناسبوا بينهما. لذلك استعملوا بعض التقاليد و الفن الشعبي و المحلي كوسيلة لنشر الإسلام و دعوته عبر الجزر الإندونيسية.
فبهذه الطريقة، كان سكان إندونيسيا الأصليون، لا يزتعجون بحضور الإسلام في أراضيهم. هذا لأن الإسلام لا يدخل فيه بالغزو و لا بالفتح، لكن جاء بالدعوة و الحكمة. لذلك يقبلون و يستقبلون الإسلام بالصدور المنشرحة. لا سيما أن تعاليم الإسلام لا تعلم على الطبقات الشعبية كما كانت في الهندوسية. أحسوأ أن الإسلام هو محررهم من الفخ الطبقي. بهذا، دخلوا الإسلام و يعينون دعوته.
فالنظام الديني المتسامح مع التقاليد المحلية منتشر في أنحتء الجزر الإندونيسية. و يعرف هذا النظام ب"أهل السنة و الجماعة" الذي دعا بها العلماء مثلما في أتشيه، و مينانج، و فادانج، و فالمبان، و جاوة، و بنجر، و بوغيس، و مكاسار، و ترناتي، و نوسا تنغارا، و غير ذلك. كان المسلمون هناك يتمذهبون بالمذهب الشافعي، و باقي المذاهب الأربعة في الفقه، و مذهب الشاطرية و القادرية و النقشبنذية و الشاذلية في الطريقة الصوفية.
فبالقوة الثقافية و التراثية، أقاموا مراكيزا علمية ثقافية، سواء كانت بشكلها كمملكة، أو سلطانة، أو مدارس، أو بسانترين، أو حتى مركز تجاري. بذلك، اسنطاع الإسلام أن ينتشروا عبر الحزر الإندونيسية الكبرى، و تبقى حتى الأن. و هذا الذي يفرق الإسلام بباقي الديانات الموجودة في إندونيسيا.
لكن هدوء المسلمين في تدينهم و نشرهم الإسلام، اذ يُفاجؤ بقدوم الحركة الوهابية. ادعت الوهابيون الإندونيسيون أن كل وسائل لنشر الإسلام التي قد أسسها علمائنا القدماء هو التخايل و البدع و الخرافات و الشرك.
في وقت ليس بقليل، هاجموا أهل السنة و أتباع الطريقة الصوفية. ادعوا أن السنيون و الصوفيون قد خرجوا من الشريعة الإسلامية. كان الوهابيون لا يريدون كون الإمتزاج الجدلي، و لا التأثير و التأثر بين القيم الإسلامية مع التقاليد الإندونيسية المحلية. أرادوا أن يرجعوا الإسلام إلى ثقافة العرب البربر، التي لا تعلم الا القران و السنة بالمفهوم الظاهري. فلأن طريقة الدعوة الوهابية كانت قاسية قهارة و جبارة، فلا يقبل و لا يستقبل بها الإندونيسيون جيدا.
فالهجوم على حالة الإسلام السني الإندونيسي الخاص جاء في كل عاشرة السنة، مع قدوم الحركة الإسلامية العانفة. بل جاء ذاك الهجوم من الثقافة الغربية، التي ادعت أن الإسلام الإندونيسي هو إسلام التقليد المحافظ و السينكريتيسي و ضد التقدم. و الأن، كان النظام الرأسمالي العالمي الذي جاء بثقافة العولمة و العلمانية و الهيدونية، قد أصبح تهديدا خطيرا لثقافة الإسلام الإندونيسية التي تجاهد لدفع الأخلاق و الثقافة المحلية.
في الحقيقة، كانت قوة الإسلام السني الإندونيسي كبيرة جدا. لكنها غير منظمة و متكاملة في محاولة لعب وسائل الإعلام. لذلك، أصبح كأن دوره مغطوط بالحركات الإسلامية العانفة الأقلية.
فثقافة أهل السنة و الجماعة ليست فقط مؤيدة بجمعية نهضة العلماء، لكن بباقي الجمعيات المنتشرة عبر الولايات الإندونيسية، مثل الجمعية الوصلية (ميدان)، و التربية الإسلامية (فادانج)، و الخيرات (فالو)، و نهضة الوطن (نوساتنجترا)، و دار الدعوة و الإرشاد (سولاويسي)، و مطلع الأنور (بنتن).
حينما توحدوا و تكاملوا تلك الجمعية كقوة مؤيدة لأهل السنة و الجماعة، فيتصبح الإسلام السني الإندونيسي باقيا و مستمرا و محصونا. بل أيضا استطاع أن يقيد اتجاه أمتنا في المستقبل