إسلاميو آسيا الوسط 
Senin, 14 Desember 2009 | 10:07 WIB
t; وقد لعبت المؤسسات الإغاثية دورا كبيرا في نشرة الدعوة الإسلامية وتقديم مختلف أوجه الإسناد لشرائح كبيرة من الإسلاميين في هذه الدول، إلا أن هذه الأدوار سرعان ما أخذت تعاني من التراجع والضعف جراء استشراء الروح الحزبية بين صفوف العاملين في تلك المؤسسات، ونقل القضايا الخلافية بين أبناء التيارات الإسلامية في البلاد التي وفدوا منها.
ابتداء يمكن القول إن المؤسسات والجمعيات الإسلامية بكل أنواعها قدمت -خاصة في مرحلة البواكير- إنجازات غير منكورة على صعيد تأسيس وتطوير العمل الإسلامي في روسيا وآسيا الوسطى، وقد تحقق لها ذلك عبر مجموعة من الأنشطة والفعاليات يمكن تلخيص أهمها في: نقل الكتب والأفكار والمبادئ وتربية الأتباع عليها، ونشر الدعوة وتكوين الأنصار، والتدريب التربوي والدعوي والتوظيف، والقيام بدور الأستاذية والقيادة للأفراد المحليين وحل أي مشكلات تطرأ بينهم، وانتقاء العناصر المتميزة وبعثها إلى الخارج لتأهيلها تعليميا وفكريا ثم توظيفها بعد العودة في أماكن مناسبة، وتوفير الاحتياجات المالية للعمل الإسلامي أو الدعوة داخل منطقة عمل المؤسسة.
البداية والتحولات
يمكن التأريخ لبدايات تواجد العمل الإسلامي على الأراضي الروسية وفي آسيا الوسطى في الحقبة السوفيتية عن طريق الطلاب العرب الذين كانوا يدرسون في كليات الاتحاد، وعن طريق بعض المبتعثين الذين جاءوا من البلاد العربية في دورات تدريبية من مصر وسوريا ولبنان والعراق والجزائر والمغرب، وكان جلهم من حاملي فكر الإخوان المسلمين، ولعل مساهمات طلاب الإخوان بنقل الكتب الإخوانية إلى داخل الاتحاد السوفيتي -رغم ما كان من الممكن أن يسببه ذلك لهم على أيدي السوفيت ثم على أيدي أجهزة الاستخبارات في بلدانهم- كان لها أثر كبير في تكوين الجيل الأول من الإسلاميين في آسيا الوسطى الذين تخرجوا من الحجرات التي كانت تُدرس فيها كتب حسن البنا، وسيد قطب ومحمد الغزالي والسباعي والصواف، بل نقلوا تسجيلات الشيخ عبد الحميد كشك حتى أصبحت شهرته بين المسلمين في روسيا وآسيا الوسطى لا تقل أبدا عن شهرته في القاهرة أو دمشق أو بغداد.
وسبق الإخوان في ذلك التواجد الصوفي، ولكن في ثوب كانت عوامل البلى قد أخذت منه، ويحتاج إلى نوع من التجديد وجده في الدعاة الصوفيين الأتراك.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي أصبح الطريق ممهدا أمام المؤسسات الإغاثية الإسلامية لتعمل بحرية، بل بترحيب كبير في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، خصوصا آسيا الوسطى والمناطق ذات الكثافة السكانية الإسلامية مثل القوقاز وتترستان وسيبريا، وعومل العاملون العرب بها وكأنهم الصحابة أو أولاد الصحابة، وكان الترحيب بالترك لا يقل عن ذلك، أما إيران فكان التوجس منها كبيرا إلا في أذربيجان على حذر.
وتنوعت الجمعيات والمؤسسات العاملة في روسيا وتعددت اتجاهاتها بين أربعة محاور أساسية؛ مؤسسات إخوانية، ومؤسسات سلفية، ومؤسسات صوفية، ومؤسسات شيعية.
وقام العاملون في المؤسسات الإغاثية بجهود كبيرة في نشر الإسلام وفي تعليم المسلمين مبادئ دينهم، وأنفقت مئات الملايين على بناء وعمارة المساجد، وإنشاء المدارس والجامعات وكفالة طلاب العلم.
وشرح الله صدور أعداد كبيرة من أبناء هذه المنطقة للإسلام، ووجد المسلمون المتنفس الذي يتعلمون عن طريقه دينهم، ويلتمسون منهجا حركيا لخدمة دينهم، وتميز أبناء هذه البلاد بأن الإسلام في قلبهم متقد مشتعل متحرك، وبرغبتهم في أن يعملوا له ما استطاعوا.
المؤسسات الإغاثية ساهمت بشكل كبير في نشأة التيارات الإسلامية في آسيا الوسطى
وتمثلت السمات الرئيسية لعمل هذه المؤسسات في تركيز الإخوان العاملين في المؤسسات جهودهم الدعوية على الطلاب وقليل جدا من المدرسين والتجار، في حين التفت السلفيون إلى التجار بنفس درجة التفاتهم للطلاب، وأقاموا لهم حلقات دراسية ليلية خاصة، بينما لجأت المؤسسات التركية، وهي في الغالب صوفية، إلى التوطين عبر إرسال شبابها لتلك الدول التي استقر كثير منهم فيها، وتزوجوا وعملوا بالتجارة وغيرها للتغلب على مشكلات التأشيرات والإقامة، وبذلك سبقت المؤسسات التركية الجميع في توطين الشيوخ مع الطلاب مما أعطى ثباتا وقوة دعوية، ومرجعية مستقرة أكثر من غيرهم من التيارات الأخرى.
واختارت المؤسسات الشيعية دعم مراكز بحثية، وإنشاء أقسام خاصة بالدراسات الفارسية في الجامعات والإنفاق عليها لجلب الأنصار والأعوان من بين الطلاب والمترددين على هذه المراكز.
وابتعدت تلك المؤسسات الإغاثية في الغالب الأعم عن الرسميين، وعن دعم المرشحين أو الدفع بمرشحين من أنصارها في الانتخابات المحلية أو البرلمانية، اللهم إلا محاولة خجولة لم تحقق نتائج موفقة في إحدى جمهوريات آسيا الوسطى، وقد يعود السبب للخوف من بطش الاستخبارات أو لضعف العناصر المؤهلة التي من الممكن أن تخوض غمار العمل السياسي.
أمراض ومعوقات
إلا أنه لم يمض وقت طويل حتى بدأت الأمراض المنتشرة في العمل الدعوي والإداري تنتقل إلى منطقة الدعوة، ومع أنه يصعب تصور أن أي مؤسسة قد قامت بإرسال أي موظف إلا بعد اختيار وتدقيق؛ نظرا لحساسية العمل وصعوبته وأهميته في ذات الوقت، إلا أن بعض من ذهب إلى هذه البلاد بغرض الدعوة اختار أن يكون موظفا حريصا على الدوام الرسمي؛ محافظا بشدة على الراتب، قليل الحركة، بليد التفكير في تطوير عمله ومؤسسته فضلا عن دعوته.
ونقل العاملون في المؤسسات همومهم وخلافاتهم المستشرية في بلدانهم الأصلية إلى مناطق عملهم، وصار طبيعيا أن ترى من يذكر لك الخلافات بين الإخوان والسلفيين والجهاديين، بين من يسمون بحديثي العهد بالإيمان والذين لم يحسنوا الوضوء بعد.
ورويدا رويدا أخذت الممارسات والسلوكيات السلبية لبعض القائمين والعاملين في الحقل الدعوي عبر البوابة الإغاثية تتكشف وتعرف طريقها للفضاء العام، وقد أثر ذيوع تلك السلوكيات بالسلب على مجمل صورة العمل الإسلامي، وقلل من القدرة على الاستقطاب والجذب مثلما كان عليه الحال في البدايات قبل أن يدخل العمل الإسلامي في معترك التنافسية، وتطل برأسها الحزبية والفئوية وغيرها من الأمور التي انحرفت بالعمل الإسلامي في كثير من الأحيان عن جادة الصواب، وأفقدته القدرة على تصحيح اتجاه البوصلة والتحديد الموضوعي والصائب لأجندة الاهتمامات ومجالات العمل وخارطة الاهتمامات التي كان ينبغي صرف كل الجهود لتغطية مستلزماتها.
كل هذا كان له تأثير كبير على التيار الإسلامي الناشئ في روسيا ونظرته إلى القدوات المؤسسة، وأثر على انتشار الإسلام في بلاد لا يحتاج الداعي فيها إلا أن يلتزم بهدي الإسلام خلقا وعملا، قولا وتطبيقا؛ حتى تفتح له القلوب والعقول.
وكان يمكن لهذه التيارات أن تستثمر فترة الحرية في العمل الإغاثي لخدمة قضية الدعوة الإسلامية بشكل عام، لولا ما وقعت فيه من أخطاء، والتنازع الذي حدث على جمهور قليل وترك الجمهور الواسع.
وجاءت أحداث سبتمبر ليضيق على الجميع، ويحرم الكثير من العمل، وبعد أن كان مرخصا في روسيا لأكثر من ثلاثمائة مؤسسة إغاثية ودعوية إسلامية صارت ثلاثا، وما زال التضييق مستمرا؛ مما أدى بالتبعية إلى تضييق آخر على أبناء كل تيار ضيق على مؤسساته وجمعياته، ولم ينج من هؤلاء إلا من تعجل التوطين، وأحسن الترتيب، وأعد لمثل هذا اليوم، ولذلك فاز الصوفيون الأتراك بالسبق في روسيا وآسيا الوسطى.
اسلام اون لاين، نهضة العلماء أون لاين